الأخيرةثقافة وفنفي الواجهة

مولوجي تكشف: بروتوكول جديد لتسهيل عملية نقل وحفظ الممتلكات الثقافية

  • نحو إثراء المناهج الدراسية بعناصر التراث الثقافي المادي وغير المادي

يتم العمل حاليا على إعداد بروتوكول جديد من أجل تسهيل عملية نقل وحفظ الممتلكات الثقافية، التي يتم العثور عليها خلال عمليات التنقيب الأثري، من أجل حفظ وتوثيق المكتشفات الأثرية، وذلك بمنح رخص خاصة لحفظ هذه الممتلكات لدى المخابر البحثية التابعة لقطاع التعليم العالي بغية استكمال الدراسات العلمية المتخصصة.

هذا ما كشفت عنه أمس وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي خلال افتتاح فعاليات الملتقى الوطني حول نتائج الأبحاث الأثرية في الجزائر الذي تنظمه وزارة الثقافة والفنون ضمن برنامج تظاهرة شهر التراث الثقافي، والذي يحمل هذه السنة شعار “التراث الثقافي وإدارة المخاطر في زمن الأزمات والكوارث الطبيعية”.

وقالت مولوجي أن مجال البحث الأثري في الجزائر عرف خلال السنوات الأخيرة تطورا كبيرا من حيث المفاهيم الكبرى التي تؤطره، وحتى في مناهج البحث والاستكشاف الميداني والتكنولوجيات المستعملة في مختلف مراحل البحث والصون والتثمين، وكان ذلك بفضل إرساء الاستراتيجية الثقافية الوطنية التي تراعي عددا من العوامل المشكلة للهوية الجزائرية، تأكيدا على أن التراث الثقافي يشكل واجهة الجزائر الحضارية.

وتحقيقا لهذا المسعى تقول وزير الثقافة: “عرف البحث الأثري والأركيولوجي دعما حقيقيا في هذا المجال في ظل التوجيهات الرشيدة لرئيس الجمهورية، وتبوأ التراث الثقافي بذلك مكانة مرموقة ليكون ركيزة ثقافية حيوية تأتي على رأس أولويات اهتمامات الدولة الجزائرية من أجل حفظه وتثمينه”.

وعليه يسعى الملتقى لتسليط الضوء على نتائج أبحاث العلماء والأساتذة من مختلف الجامعات ومراكز البحث تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويأتي هذا المحفل العلمي ليؤكد حسبها ” أهمية البحث الأثري ودوره الحيوي في فهم تاريخنا وتراثنا الثقافي، وبفضله نستكشف عمق التاريخ البشري، ويتعزز الفهم المعمق لتطور الحضارات والمجتمعات عبر العصور، وستظل مواقعنا الأثرية الغنية والمتنوعة والعريقة شاهداً حضاريا على تاريخنا المجيد، ولنا في كل قطعة أثرية مكتشفة قصة من التاريخ تستحق أن تروى للعالم، وأن تدرس أيضا وفق المناهج الحديثة” .

وأشادت وزيرة القطاع بجهود علماء الآثار والباحثين والمستكشفين، التي تمثل كشاف ضوء للماضي بكل ما يحمله من عادات وممارسات عاشتها الأمة الجزائرية عبر كل الحقب الزمنية، وهم بذلك يواصلون مهمة صون الذاكرة الثقافية والوطنية كما حافظ عليها الأجداد، “ولا شك أنه من خلال أبحاثكم سوف نستخلص دروساً قيمة تساعدنا في التأمل والتطبيق في عصرنا الحديث في مجال الحماية والتثمين”، مشيرة الى ما حققته الجهود المبذولة في الاستكشاف والحفريات والتحليل العلمي، من إنجازات عظيمة في مجال الاكتشافات الأثرية المميزة، والتي ساهمت في إثراء فهم التاريخ الإنساني.

هذا ما جعل قطاعها الوزاري يعمل على  تسهيل وتبسيط الإجراءات الخاصة بالحصول على الرخص اللازمة لأعمال التنقيب والحفريات الأثرية بالمواقع الأثرية لكل الباحثين والفرق العلمية الوطنية والدولية، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجيستي والفني لهذه العمليات، حيث منح خلال الأربع سنوات الأخيرة 152 رخصة لفائدة الباحثين وللأساتذة الجامعيين المنتمين لمختلف الجامعات ومراكز البحث المتخصصة.، ” وفي هذا الإطار يقدم قطاعنا الوزاري من خلال مختلف أجهزة دعم الكتاب فرصا للباحثين لنشر نتائج أعمالهم العلمية، كما يفتح المجال أمام تعزيز التعاون الدولي في مجال البحث الأثري من خلال تبادل المعرفة والخبرات مع الدول الأخرى، وتنظيم الندوات والمؤتمرات الدولية، وتبادل البيانات والموارد البحثية”.

ولفتت الدكتورة مولوجي إلى أن دور البحث الأثري لا يقتصر على توثيق الماضي وحده، بل يمتد أيضًا إلى حماية وصون التراث الثقافي للأجيال القادمة، “قد قمنا بتسجيل عدة عمليات خلال البرامج التنموية المختلفة تخص دراسة، ترميم وحماية المعالم والمواقع الأثرية عبر التراب الوطني، حيث تم تسجيل 42 عملية خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2024 بمبلغ إجمالي يقدر بــــ 2,3 مليار دج”،وفي السياق ذاته، كشفت عن رفع التجميد عن عدد معتبر من العمليات الاستثمارية الخاصة بحماية التراث الثقافي، منها 13 عملية تخص ترميم معالم ومواقع أثرية، كما عملت وزارة الثقافة والفنون على ترميم وإعادة الاعتبار ل 17 مسجدا عتيقا ومصنفا وطنيا، كما تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بترميم 06 مساجد أخرى.

ويعكف ذات القطاع على مراجعة قانون حماية التراث الثقافي 98- 04، بعدما تم تنصيب اللجنة الوزارية التي تضم عددا من الباحثين الأثريين، وقد شرعت في أعمالها بعد جلسات تشاورية نظمت خلال شهر جانفي الفارط، “أسدينا التعليمات اللازمة بتنفيذ كل التوصيات التي من شأنها تدعيم نصوص هذا القانون، لاسيما استحداث الآليات القانونية  التي تحدد شروط تأهيل الخبراء في علم الآثار على غرار المهندسين المعماريين الذي يقوم قطاعنا الوزاري بتأهيلهم لممارسة مهام الإشراف على الأعمال الفنية المتعلقة بالممتلكات الثقافية العقارية، حتى توكل لخبراء الآثار مهام الخبرة الأثرية، وكذا مهام الإشراف على الأعمال المتعلقة بترميم الممتلكات الثقافية المنقولة”.

..العمل على  إثراء المناهج الدراسية بعناصر التراث الثقافي  المادي وغير المادي

كشفت وزيرة الثقافة والفنون في كلمتها بذات اللقاء عن العمل بالتنسيق مع قطاع التربية الوطنية على  إثراء المناهج الدراسية بعناصر التراث الثقافي  المادي وغير المادي، من خلال إدراج نتائج أبحاث هؤلاء الباحثين والمستكشفين وعلماء الاثار كموارد تعليمية تسهم في فهم تاريخ الجزائر وتراثها الثقافي، وحتى في مجال السياحة الثقافية، أين يتم العمل  على تعزيز الفهم العميق للمعالم والمواقع الأثرية، ما سيسهم في تنمية السياحة الثقافية وزيادة الوعي بالتراث الثقافي والتاريخي، باعتبار الحفاظ على التراث الأثري جزء  أساسي من التنمية المستدامة، وهو مورد اقتصادي يسهم في تحفيز النمو وخلق فرص العمل على المستوى المحلي، وهذا بتوجيهات سديدة من رئيس الجمهورية تقول مولوجي.

وفي مجال التعاون الدولي -تضيف-، يتم العمل بجد على إرساء ديبلوماسية ثقافية يكون التراث الثقافي أحد ركائزها من خلال دعوة الباحثين والمختصين من مختلف الثقافات والجنسيات لتبادل المعرفة والخبرات العلمية التي من شأنها الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة في مجال البحث الأثري إلى جانب العمل مع مختلف الأسلاك الأمنية والعسكرية الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية على استرجاع تراثنا الثقافي المنهوب عبر مختلف الآليات القانونية.

وختمت بالقول أن البحث أو العمل في مجال الآثار ليس مجرد مهنة، بل هو رحلة مثيرة في استكشاف أسرار الماضي وبناء جسور من الانتماء بين الأجيال، وإسهام وطني في حفظ ذاكرة وهوية الأمة، وعليه فهو يستدعي التنسيق المحكم بين مختلف القطاعات الوزارية والهيئات العلمية وفواعل المجتمع.

 

مليكة. ب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى