ولايات

ميلة: إضراب 19 ماي 1956.. بوابة الطلبة نحو الثورة التحريرية

يعد إضراب 19 ماي 1956 من أهم أحداث تاريخ الثورة التحريرية كونه برهن للمستعمر الفرنسي عن انتماء الفئة المتعلمة إلى وطنها الجزائر عكس ما كانت تتوقعه فرنسا التي كانت ترى خطأ في أن هذه الفئة مخزونا سيدعم موقفها في المستقبل، كما قال المجاهد عبد المالك بو المرقة، ابن ولاية ميلة وأحد الطلبة الذين شاركوا في الإضراب.

وقال المجاهد عبد المالك بو المرقة (85 سنة)، الذي عايش تلك الفترة وكان من بين الطلبة الجزائريين الذين امتثلوا لنداء الإضراب، ان هذا الاخير “كان تعبيرا عن مساندة موقف الثورة الجزائرية عندما حان الوقت لتحتضنها جميع أطياف ومكونات الشعب الجزائري”.

وكان تجاوب الطلبة الذين رافقهم خلال مشواره الدراسي وينحدرون من مختلف نواحي الوطن مع إضراب 19 مايو1956 “بمثابة ضربة قسمت ظهر المستعمر الذي كان يرى في الطلبة الذين يقوم بتعليمهم وتدريسهم مخزونا سيدعمه لاحقا لما سيكون لهم من مزايا يظن أنها ستلغي جزائريتهم ورفضهم للاستعمار”، يضيف ذات المجاهد في شهادته.

واختار المجاهد بوالمرقة الذي كان واحدا من الطلبة الدارسين بثانوية يوغرطة بقسنطينة (لانعدام وجود ثانوية بميلة التي كانت تابعة آنذاك لناحية قسنطينة) في سنة 1956، مقاطعة الدراسة استجابة لنداء إضراب 19 ماي 1956 واعتماد ذلك كأسلوب احتجاج لجأ إليه أيضا العديد من الطلبة الآخرين الذين توقفوا رفقته عن الدراسة، الأمر الذي أثار تعجب مدرسيهم في تلك الفترة، حسب ما ذكره في شهادته.

وكان الامتناع عن الدراسة ومقاطعتها بشكل تام بمثابة “امتثال” من طرف المجاهد بو المرقة ورفاقه في الدراسة من ميلة وغيرها من مناطق الوطن لنداء إضراب 19 ماي 1956. وقال في السياق: “لقد برهن ذلك عن نيتنا كطلبة في دحر المستعمر خصوصا بعد سياسة القمع التي انتهجها ضد الشعب الجزائري والتي أكدت لنا أن الحل هو إخراجه من الجزائر بالثورة التي بايعناها كطبقة مثقفة متكونة بالمدرسة الفرنسية التي أوهمت نفسها بكسبنا لكن خيبنا آمالها”.

..الطلبة ساهموا في الدعوة إلى الثورة

وكانت أحداث 19 مايو1956 في نفس الشاب عبد المالك بو المرقة الذي لم يكن سنه يتجاوز وقتها 20 سنة، وكذا في نفس ثلة من أصدقائه الطلبة المنحدرين من مدينة ميلة، “نقطة تحول”، فقرروا الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني إلا أن مسؤول النظام بميلة في تلك الحقبة منعهم من ذلك بل حثهم على النضال المدني من خلال توجيه الجزائريين وإقناعهم بالالتفاف أكثر حول الثورة وجبهة التحرير الوطني”، يضيف صاحب الشهادة.

ذلك ما كان بالفعل، حيث امتثل الشاب بو المرقة بعد أن عاد لمدينته لتعليمات قيادة الثورة وأخذ على عاتقه مهمة التحريض ضد فرنسا وسياستها، داعيا للثورة كحل جذري لفك أغلال الاحتلال وتحرير الجزائر وشعبها منه.

ويتذكر بو المرقة أن الطلبة الجزائريين الذين احتضنوا الإضراب لم يروا آنذاك مستقبلهم إلا في مستقبل جزائر الحرية، قائلا: “لم تعن لنا تلك الامتيازات التي كانت تنتظرنا بعد التخرج لأنها تبعية لمغتصب ثروات الوطن ولذلك كان الإضراب قويا في رده على دعاة الانتماء لفرنسا الاستعمارية التي خيبنا كطلبة آمالها وقلبنا الموازين ضدها”.

وحسب هذه الشهادة الحية، فإن أبناء الجزائر عندما وجدوا فئة مهمة كالطلبة في صف الثورة التحريرية تدعو للالتفاف حولها، تعزز موقف المقاومة لدى كافة أطياف المجتمع، وقابل ذلك ضعف الجانب النفسي للعدو.

وكان أيضا بانضمام الطلبة لصفوف جيش التحرير الوطني فيما بعد دور مهم في المجابهة العسكرية، حسب ما أفاد به المجاهد بوالمرقة الذي التحق بالثورة في ديسمبر 1957 رفقة طالب آخر من ميلة الراحل عزوز بولقرون، حيث عمل بالمنطقة الأولى التي كانت تضم ولايتي ميلة وجيجل وتدرج في المسؤولية العسكرية وصولا إلى منصب عضو قيادي بالناحية العسكرية الثالثة بالمنطقة الأولى (ولاية ميلة حاليا). وبإعلان الاستقلال في 5 جويلية 1962، كان المجاهد بوالمرقة أول من رفع العلم الوطني بمدينة ميلة محتفلا بسطوع شمس الحرية والاستقلال.

 

خ.ب

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى