الأخيرةثقافة وفنفي الواجهة

“نوستالجيا” مسرحية عبثية تبحث في علاقة الإنسان بالآخر

احتضن أول أمس، المسرح البلدي للجزائر الوسطى بالجزائر العاصمة، العرض الشرفي لمسرحية “نوستالجيا”، من إخراج لخضر منصوري، وإنتاج تعاونية “مسرح النقطة” بوهران، والمأخوذ عن نص للكاتب الروماني “ماتيني فيزنياك بعنوان “حكاية دببة الباندا الذي يرويها عازف الساكسوفون الذي خليلة بفرانكفورت” وترجمه المسرحي المغربي عبد المجيد الهواس.

مسرحية “نوستالجيا”، تنتمي إلى المسرح العبثي الذي يطرح أسئلة تبحث عن متعة الإنسان وعلاقته بالآخر، كما هي عبارة عن رحلة بحث فنان عن معنى الإبداع و الموت في متاهة الحياة، كما تطرح المسرحية سؤال علاقتنا الهشة  بالموت والحياة  حيث اعتمد المخرج على المزج بين القالب الدرامي والتراجيدي كما اشتغل على توظيف موسيقى جميلة.

المسرحية من البداية تضعنا أمام مواقف متناقضة وفي مكان شبه مغلق يكتم الأنفاس وإضاءة قاتمة، الحركة فيه محدودة خاصة بالنسبة للرجل الذي يعيش لحظاته الأخيرة (الممثل فتحي مباركي) لكنه قبل أن تخرج روحه يدخل في حالات قد تكون حلم، كابوس، هوس، أو حتى ثمالة، يحاول أن سترجع بعض من صور حياته دون جدوى.. وبين العقل والجنون و الخيال والواقع، تظهر المسرحية كيف تتحول فكرة الموت، إلى أن امرأة جميلة وأنيقة ” أسماء الشيخ” التي منحها المخرج بحكم النص حرية اكبر في الحركة،  تغير لباسها بأزياء ملونة ومبهجة عوضا أن تعكس الخوف التي تسكن جسد هذا الرجل المحتضر تدخل في لعبة إغواء غريبة تسحر بالكلام وتشدك بحكاياتها وضحكاتها تماما كما شهرزاد التي انقضت نفسها من الموت المحتم بالحكايات والروايات التي لا تنتهي.

في “نوستالجيا” كان الأداء موفق بين شخصين بين كيانين بين ممثلين بين نقيضين بين رجل في آخر حياته وامرأة كسرت الجدار الرابع بعدما تخلت عن رفيقها وهو جثة هامدة منسية فوق الخشبة، أسماء الشيخ وفتحي مباركي ثنائي رفعوا نص ثقيل على كتافهم  وكان عليهم ترجمة كل الأحاسيس المختلطة عند لحظة  الموت وكل المعاني الفلسفية والنفسية التي ممكن أن تظهر من طريقة الإلقاء أو تعابير الجسد وملامح الوجه واضطراب التنفس.

وعقب العرض أشار المخرج لخضر منصوري أن العمل الجديد هو استمرار للمشروع المسرحي لتعاونية مسرح النقطة وتجربة جديدة في حلقة الإبداع المسرحي الجزائري الذي تشتغل عليه  منذ سنوات مبرزا أن العمل ملامسة إبداعية تتمحور حول الموت الحاضر بيننا و استحضار لذكرى من رحلوا عنا، مضيفا أن المسرحية تلامس أيضا الإنسان بكل ما يحمله من قيم و هواجس ومخاوف وأحلام، موضحا أنه اعتمد في تشكيل رؤيته الإخراجية على المزج بين مختلف المدارس الإخراجية على غرار العبثية والتراجيديا و البسيكودراما وهي تجربة جديدة في الحقل المسرحي الجزائري.

للإشارة، تعتبر تعاونية مسرح النقطة التي تأسست سنة 1995 بوهران، في رصيدها العديد من الأعمال المسرحية، منها مسرحية “قلعة الكرامة”، “ديك الكولونيل”، “معروض للهوى”، بالإضافة إلى مسرحية “مرة مرة”، ومسرحية “كانت ليلة”، و”القناع”، هذه المسرحية جزء من مسارها الفني الذي يتأسس على التساؤلات المستمرة، حول راهن الإنسان ووجوده في هذا العالم، وأشارت تعاونية “مسرح النقطة” في بيانها أنها تسعى من خلال مسرحية “نوستالجيا” العودة إلى ما يعتبر بالنسبة لنا، أساسيات المسرح ومفرداته، والمرتكزة بشكل أساسي على قدرات الممثل، حيت تمّ الاشتغال لهذا الغرض في هذا العمل مع ممثلين محترفين من ولاية سعيدة، مفعمان بالموهبة والحماس حملا على عاتقهما فكرة نقل تحديات العرض والنص والشكل المسرحي.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى