وزير الخارجية صبري بوقادوم في حوار مع جريدة “الباييس” الإسبانية: الشرعية تأتي من الشعب حتى ولو شارك في الانتخابات 20 في المئة

قال وزير الخارجية صبري بوقادوم إنه يمكن إحداث التغيير عبر الانتخابات التشريعية التي ستنظمها بلاده في 12 جوان المقبل، وإن الشرعية تأتي من الشعب حتى ولوشارك في هذه الانتخابات 20 في المئة من الناخبين.
جاءت تصريحات رئيس الدبلوماسية الجزائرية في مقابلة صحافية مع جريدة “الباييس” الإسبانية خلال زيارته إلى مدريد، أمس الثلاثاء، حيث أكد أن الحكومة المقبلة ستأتي من البرلمان، ويعود للشباب أن يشاركوا في هذه الانتخابات وأن يترشحوا من أجل التغيير. وأضاف “نتوقع الكثير من الانتخابات، لأن وسائل التغيير موجودة بالرغم من أن هناك أشخاصا يتحدون ذلك”.
وفي رده على سؤال حول مقاطعة الحراك للانتخابات، أكد بوقادوم أن “الشرعية تأتي من الشعب حتى ولو شارك في الانتخابات 20 في المئة من الناخبين. يكون لديهم القدرة على الاختيار والتغيير”.
ودعا بوقادوم أنصار الحراك إلى أن يتهيكلوا في تيارات سياسية. وأوضح أن هناك “العديد من التغييرات كوضع قانون انتخابي جديد وتكافؤ الفرص بالنسبة للقوائم الانتخابية، إلى جانب تقليص في صلاحيات الرئيس”، التي أقرها الدستور الجديد.
..الجزائر تشكو ضغطاً كبيراً من جراء الهجرة غير الشرعية
أعلنت الجزائر أنها تخضع إلى ضغط كبير بسبب الهجرة غير الشرعية، مشيرة إلى أن توفير مناصب عمل سيحد من تدفق المهاجرين.
وقال صبري بوقدوم إن «إسبانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان، تعاني كلّها من الهجرة المكثفة، لكن نحن الذين نستقبلهم قبل وصولهم إلى أوروبا». وتساءل بوقدوم في تصريحات أدلى بها لصحيفة «ألباييس» الإسبانية، «الأوروبيين يشتكون، لكن هل يجب علينا العمل كشرطي لأوروبا؟ تريدون الحماية، لكن من يحمينا؟». وأضاف إن بلاده تخضع لضغط كبير بسبب الهجرة غير الشرعية المكثفة، على غرار دول أخرى.
وتابع تصريحاته قائلاً: «في يوم ما، سنقول: اتركوهم يخرجون، كما يفعل البعض، لكن لا لن نقوم بذلك، إننا نعمل مع إسبانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال». وأكد أن بلاده استقبلت في وقت ما من العام الماضي، أكثر من ألف مهاجر في اليوم.
أما بخصوص ترحيل المهاجرين نحو بلدانهم، فأشار إلى أن الأمر يتعلق بعودة طوعية منظمة بالتعاون مع بلدانهم الأصلية والمنظمة الدولية للهجرة، لافتاً إلى أن بلاده تريد العمل مع الاتحاد الأوروبي ومالي والنيجر.
وأضاف وزير الخارجية الجزائري: «هذه الهجرة يجب أن تتوقف بالبلدان الأصلية، حيث إن توفير مناصب الشغل سيساعدهم على عدم الهجرة».
..عملية “برخان” أثبتت أن الحل العسكري لن يكفي للقضاء على الإرهاب في الساحل
قال وزير الخارجية الجزائرية صبري بوقادوم إن المقاربة العسكرية غير كفيلة لوحدها بمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، ودعا إلى تعاون دولي لمحاربة الظاهرة العابرة للأوطان، في ظل التصعيد الإرهابي الذي تعرفه المنطقة.
وقف وزير الخارجية عند مواطن قصور المقاربة العسكرية في معالجة الظاهرة الإرهابية في منطقة الساحل، والتي أثبتت عدم نجاعتها بعد حوالي 7 سنوات من نشر قوات “برخان” التي لم تحقق الأهداف المرجوة منها، بل أكثر من ذلك وجدت نفسها في قلب الاتهام بارتكاب مجازر في حق المدنيين كما وقع في منطقة “بونتي” وسط مالي في جانفي، وحملت الأمم المتحدة القوات الفرنسية مسؤولية المجزرة رغم رفض باريس لنتائج التحقيق الأممي.
وقال بوقادوم بأن “الإرهاب يعتبر ظاهرة عابرة للأوطان، لذلك فإن التعاون الدولي وحده هو المجدي، وأن منطقة الساحل حيوية للجميع”، واعتبر أن “الجماعات الإرهابية مهما كانت تسمياتها، داعش، بوكو حرام، كلها متشابهة”، وأن هناك “تجددا مستمرا للظاهرة”. أكد بوقادوم أنه بالموازاة مع الأعمال العسكرية يجب “استيعاب ما يجري من خلال ضرورة المعالجة الجدية لمشاكل التنمية”
وأكد بوقادوم أنه “إذا تحتم العمل بالوسائل العسكرية” لمواجهة الجماعات الإرهابية، لكن بالموازاة مع ذلك يجب “استيعاب ما يجري من خلال ضرورة المعالجة الجدية لمشاكل التنمية”، لأن العمليات العسكرية “ليست كافية” لوحدها للقضاء على النشاط الإرهابي”.
ودعم المقاربة التي ترافع من أجلها الجزائر بنتائج عملية “برخان” على الأرض والتي تقودها فرنسا بمنطقة الساحل منذ سنة 2014، مشيرا إلى أن باريس نشرت 5100 جندي، في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، التي تضم أكثر من 15000 عسكري، لكن رغم هذا التعدد العسكري، إلا أنه “لم يكن كافيا”، لأن ذلك حسب رئيس الدبلوماسية الجزائرية “لا يعالج السبب العميق للإرهاب”.
وتجد القوات الفرنسية نفسها في مرمى الاتهامات سواء على الصعيد المحلي بدول الساحل، حيث ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة رحيلها بسبب فشلها في تحييد خطر الجماعات الإرهابية التي تخلف عشرات القتلى خلال الهجمات التي تنفذها سواء في مالي أو في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينافسو، أو على الصعيد الدولي بعد تحميل الأمم المتحدة للقوات الفرنسية مسؤولية المجزرة التي وقعت بمنطقة بونتي بمالي بداية العام الجاري وخلفت قتلة مدنيين، قالت القوات الفرنسية إنهم مسلحون.
وتدعو الجزائر من أجل دعم الحلول السياسية والمساعدة في تنمية هذه المناطق لاجتثاث الإرهاب، خاصة وأن الجماعات الإرهابية تستثمر في فقر أبناء المناطق المحرومة وتغريهم بالانضمام إليها.
من جهة ثانية عقدت لجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر دورتها الـ43 في مدينة “كاييس”، غرب البلاد، الإثنين، برئاسة الجزائر، وذلك عقب التئامها في 11 شباط/فبراير الماضي في “كيدال” (شمال)، وفق ما أعلنت عنه الثلاثاء البعثة الأممية المتكاملة الأبعاد في مالي (مينوسما).
وتم مناقشة العديد من الملفات خلال الاجتماع من بينها الإصلاحات المؤسساتية ومتابعة القرارات المنبثقة عن اجتماع كيدال الأخير، واستكمال المسار المتسارع لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، وإصلاح سياسة مشاركة المرأة في أشغال الاتفاق، وبعث مرحلة جديدة من مشاريع التنمية، إلى جانب مواضيع أخرى.
وأقر وزير المصالحة الوطنية في مالي كولونيل إسماعيل واغي بـ”التأخير المسجل في تنفيذ الاتفاق”، معربا في هذا الصدد عن أمله في أن “تلتزم الأطراف المالية برفع التحديات من أجل سعادة السكان”.
ويذكر أن لجنة متابعة اتفاق الجزائر قد عقدت دورتها الـ42 بكيدال شمال مالي، برئاسة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقدوم، لأول مرة منذ سنوات، واعتبرت الأمم المتحدة الحدث “تاريخيا”، ويشكل انطلاقة جديدة، تساهم في توطيد الثقة بين الأطراف الموقعة على الاتفاق واسترجاع السلم في شمال البلاد.