وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

المسلم بحركته في الحياة وما ينتج عنها من عمران وإعمار، ومن أمن وطمأنينة، ومن خيرات وثمرات، إنما يكون كل ذلك مبذولاً للناس جميعًا، لا يُختص به المسلمون به وحدهم، كما يفعل البعض منطلقًا من عنصرية بغيضة أو استعلاء زائف على غيره من الأجناس والألوان. وقد كانت الحضارة الإسلامية– خاصة في محطات التواصل، مثل صقلية والأندلس وغيرهما- شاهدًا عدلاً على تمتع غير المسلمين بخيراتها وثمراتها، في إنسانية صادقة، وفي نفع عام شامل.

وهذا المعنى الأساس الذي يعكس حقيقة أن “فعل الخير” عنوانٌ مهم على ديننا وأمتنا، منهجًا وقيمًا وحركة في الحياة.. إنما يستبطن عدة قيم تمثل ركيزة للبناء الإسلامي.

من أهم هذه القيم المتضمَّنة في “فعل الخير”: قيمة العطاء: فالإسلام ليس عالة على الحياة ولا على الآخرين، إنما يضيف إليهم ويرتقي بهم.

قيمة الرحمة: فهو دين يتخذ من الرحمة غاية كبرى لرسالته: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107). وانطلاقًا من هذه الرحمة يُعمِّم خيرَه للإنسان وللكائنات.

قيمة الإنسانية: فالإسلام يبذل خيره المعنوي والمادي للناس جميعًا؛ لأنه رسالة هداية وإصلاح لهم جميعًا..

قيمة العمران: فلا نفع إلا بالعمران.. وضده: الخراب والإفساد. وحيث لا عمران، لا نفع يُرتجى.

قيمة الإبداع: فدوامُ بذلِ النفع يقتضي إبداعًا في الحركة، وإتقانًا للفعل. وهكذا نرى أن “فعل الخير” يمثل عنوانًا مهمًّا على الإسلام، منهجًا وعلى الأمة وظيفةً، وعلى القيم شمولاً، وعلى الأخلاق إنسانيةً ورحمةً، وعلى الحركة في الحياة عطاءً وعمرانًا وإبداعًا.

ولعل ما ذكرناه يقتضي أن ننفض عن أنفسنا رداء الغفلة والكسل والبطالة، لندرك حقيقة رسالتنا في الحياة، وما تستلزمه من جد وعطاء، حتى نكون جديرين بأن نفعل الخير لأنفسنا وللناس، لا أن نستجدي العون ونمد يد الحاجة.

 

 

Exit mobile version