كتب

“2034” أدب الواقع المرير ورواية الحرب العالمية القادمة بين أميركا والصين

ماذا لو قامت الحرب الإلكترونية وتصاعدت حتى تم تعطيل الاتصالات كافة وتجاوزت القوتان الأكبر عالمياً حالة التنافس الإستراتيجي والاقتصادي إلى الانقسام التكنولوجي والحرب الشاملة ليدخل العالم في حقبة كابوسية من “الديستوبيا” (الواقع المرير).

كتب جنديان سابقان رواية تتنبأ بالمستقبل تحمل عنوان “2034”، تتحدث عن صدام مسلح (وتكنولوجي) بين الولايات المتحدة والصين. ويبدو أن الواقع ليس بعيدًا عن هذا الخيال الذي يتصور أن تقود الظروف السياسية والتكنولوجية لمخاوف هذه الحرب، بحسب المؤلفين.

في التقرير الذي نشرته صحيفة نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية (L’Obs)، يقول الكاتب بيير هاسكي إنه في فبراير ، كرست مجلة “وايرد” الأميركية عددها بأكمله لرواية تتنبأ بالمستقبل وتمزج بين التكنولوجيا والجغرافيا السياسية. ويختزل عنوانها الموضوع “2034.. رواية الحرب العالمية القادمة”.

لن يتفاجأ أحد عندما يعلم أن هذا الصراع الخيالي بين الولايات المتحدة والصين، وهما عملاقا القرن الـ21 المنخرطان في شكل جديد من أشكال الحرب الباردة، والتي يمكن أن يتحول بسهولة إلى حرب طاحنة.

..أدب التكنولوجيا والصراع

يمتلك مؤلفا الرواية المؤهلات اللازمة لجعل هذه القصة ذات مصداقية، فإليوت أكرمان هو كاتب خدم 5 مرات في القوات البحرية في أفغانستان والعراق. أما مؤلفه المشارك، جيمس ستافريديس، فهو أدميرال متقاعد من فئة “4 نجوم”، قاد حاملة طائرات أميركية مع مجموعته القتالية البحرية وكان القائد الأعلى لحلف الناتو لمدة 5 سنوات.

يمكن تفسير وجود سيناريو حرب عالمية على غلاف مجلة “وايرد” (Wired)، وهي مجلة متخصصة في التغييرات الرقمية منذ ربع قرن، بالحضور الطاغي للتكنولوجيا في الرواية وكذلك في أي حالة حرب حالية أو مستقبلية متوقعة.

لكن تهدف المجلة أيضًا إلى الدعوة لعدم انخراط الدولتين في مثل هذه الحرب “بطريقة آلية”. حسب تعبير الأدميرال ستافريديس، تتمثل الغاية من ذلك في “إطلاق تحذير ليتجنب البشر مثل هذه الأحداث”.

..حرب عالمية جديدة

وليست هذه الرواية الأولى عن “الحرب العالمية الثالثة” الصينية الأميركية، ويقع المشهد الافتتاحي للرواية في مياه بحر الصين الجنوبي، في مكان لا يبعد كثيرا عن جزر باراسيل التي تطالب بها دول الصين وفيتنام وتايوان.

تدور الأحداث في عام 2034 الذي لم تتراجع فيه حدة العداء بين القوتين العظميين، ويدور السؤال عما إذا كان العالم مهددا بالوقوع في “فخ ثوكيديدس”، وهي الأطروحة المثيرة للجدل للباحث الأميركي غراهام تي أليسون التي تقول إن الحرب حتمية عندما تتحدى قوة ناشئة (مثل أثينا) قوة راسخة (مثل أسبرطة)، وبناها أليسون على فكرة المؤرخ اليوناني القديم ثوكيديدس الذي يقول إن الحرب في هذه الحالة تعد حتمية.

..عودة مفردات الحرب الباردة

يذكر الكاتب أن ما يثير الاهتمام هو أن قصة هذه الرواية تحمل تشابها شديدا مع الواقع الحالي في هذه المنطقة الساخنة. منذ عدة أسابيع، تتزايد التوغلات الجوية للطائرات المقاتلة الصينية في المجال الجوي التايواني، كما لو أنها تظهر أن الصين “في وطنها”.

لم يغير قدوم إدارة جديدة إلى واشنطن التوترات التي استمرت في التصاعد في عهد دونالد ترامب. إذا كان جو بايدن وفريقه قد عكسوا العديد من قرارات ترامب، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ أو مغادرة منظمة الصحة العالمية ويستعدون لاستئناف المفاوضات مع إيران بشأن الطاقة النووية، فإن هذا الأمر لا ينطبق على الصين، بحسب تعبير الصحيفة الفرنسية.

وتدفع الاضطرابات والتحولات التي شهدها العالم بسبب تفشي جائحة كورونا العديد من الأشخاص لقراءة أعمال أدبية ومشاهدة أفلام سينمائية ضمن تصنيف خيال نهاية العالم أو أدب المدينة الفاسدة والواقع المرير (ديستوبيا).

..أدب الديستوبيا الحديث

ارتفعت شعبية الكتب والأفلام التي تتناول الأوبئة في الأسابيع القليلة الماضية، مثل رواية “الموقف” للمؤلف الأميركي ستيفن كينغ التي تدور أحداثها بعد نهاية العالم وانهيار المجتمع نتيجة تفشي سلالة من الإنفلونزا المعدلة، لتتحول إلى جائحة تقضي على 99% من سكان العالم، وكذلك فيلم “عدوى” عام 2011 الذي يعرض تفشي جائحة فيروسية قاتلة مصدرها طائر الخفاش.

وتقول كاثرين شويتز الأكاديمية في جامعة تورنتو الكندية المختصة بالأمراض المعدية في الأدب، إن الأوبئة تخيفنا جزئيا لأنها تحول مخاوفنا عن العولمة والتغيير الثقافي وهوية المجتمع إلى تهديدات ملموسة، وتتيح روايات الأمراض المعدية للمؤلفين والقراء فرصة استكشاف الأبعاد غير الطبية للمخاوف المرتبطة بالأمراض المعدية، بحسب مقالها لموقع كونفيرزيشن (The conversation).

وينصح النقاد بعدم الاستناد إلى روايات الأوبئة في تخيل المستقبل، في المقابل يُنصح القراء ببناء اختياراتهم الخاصة من كتب الخيال العلمي وروايته سواء كانت تروج لمستقبل مشرق أو قاتم.

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى