في الواجهةوطن

48 ساعة حاسمة لتحديد ملامح المرحلة الانتقالية

يجتمع البرلمان الجزائري بغرفتيه، بعد غد الثلاثاء، في جلسة “شكلية” لإعلان شغور منصب رئيس الجمهوريةن بعد استقالة بوتفليقة قبل أسبوع تحت ضغط الشارع وتدخل قيادة أركان الجيش الشعبي الوطني.

وتستعد الجزائر لـ 48 ساعة حاسمة، قد تتضح خلالها ملامح المرحلة الانتقالية، بعد طي صفحة حكم الرئيس بوتفليقة، إذ يجتمع البرلمان بغرفتيه وهما المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى)، ومجلس الأمة (الغرفة الثانية)، طبقا للمادة 102 من الدستور، التي تنص على أنه “في حال استقال رئيس الجمهورية أو توفي، يجتمع المجلس الدستوري وجوبًا، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورًا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان، الذي يجتمع وجوبًا”.

وإذا كانت هذه الجلسة شكلية، فإن رئاستها تعود إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الذي سيستلم آليا وفق الدستور، مقاليد الحكم لمدة أقصاها 90 يومًا، تنظم خلالها انتخابات رئاسية لن يترشح فيها حسب نفس المادة. وإذا كانت النصوص القانونية واضحة في مسألة استخلاف الرئيس فإن قضية سياسية طرأت بعد استقالة الرئيس سببها رفض الشارع والمعارضة تولي بن صالح منصب رئيس الدولة، كونه من “رموز نظام بوتفليقة”، كما أنه قيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب موالي للنظام.

وكان أهم مطلب اتفق عليه المتظاهرون في الجمعة السابعة للحراك والأولى بعد استقالة بوتفليقة هو رحيل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز كونهم من رموز نظام بوتفليقة. ورغم ذلك، يتجه رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، لتولي منصب رئيس الدولة، بعد إنهاء رئيس الجمهورية السابق، عبد العزيز بوتفيلقة، لعهدته الإنتخابية يوم 2 أفريل الجاري.

وتؤكد بعض المعطيات، أن اجتماع اللجنة البرلمانية المشتركة لتحضير جلسة إثبات الشغور، المنعقد أمس، بالغرفة التشريعية العليا، تضمّن سن قانون داخلي يحدد سير الجلسة، التي ستتضمن تلاوة التصريح بشغور منصب رئاسة الجمهورية وتولي بن صالح رئاسة الدولة. ورسم المجتمعون في نقاشهم السير العادي للجلسة، من خلال تولي عبد القادر بن صالح رئاستها، التي سيحضرها نواب البرلمان بغرفتيه بعد غد الثلاثاء بقصر الأمم، أسبوعا بعد تقديم بوتفيلقة استقالته من كرسي الرئاسية الذي حافظ عليه 20 سنة.

ويبدو أن مقترح استقالة بن صالح وتعويضه بشخصية أخرى من مجلس الأمة، لم يلق التأييد الكافي، رغم غياب الطموح المعروف على الرجل، حيث أن استقالته قد تفتح باب الصراعات داخل مجلس الأمة حول اختيار خليفته من بين الأعضاء الحاليين، وهو ما جعل القرار يرسو في النهاية على إبقاء الرجل الذي شارك قبل ربع قرن في التحضير لندوة الوفاق الوطني، التي انتهت بتكليف اليامين زروال برئاسة الدولة.

وهددت كتل برلمانية، معارضة، بعدم المشاركة في جلسة الثلاثاء، في حال ترؤسها من قبل بن صالح، وربطت ذلك بالرفض الشعبي الذي عبر عنه الملايين الذي شاركوا في مسيرات الجمعة السابعة، التي كانت تحت شعار إسقاط “الباءات الثلاثة” وهم بن صالح، رئيس مجلس الأمة، وبدوي الوزير الأول، وبلعيز رئيس المجلس الدستوري.

وكانت تقارير صحفية، صادرة عن مؤسسات إعلامية حكومية، كشفت أمس، عن إمكانية رحيل بن صالح، الذي سيتولى آليا خلافة بوتفليقة لمرحلة انتقالية من 3 أشهر بشخصية توافقية استجابة لمطالب الشارع، إذ يجب حسبها “إيجاد حل لمسألة رئاسة مجلس الأمة في أقرب وقت من منطلق أن هذا الوجه السياسي لن يقبله الحراك الشعبي” واعتبرت إيجاد شخصية توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية في مكانه “أمرا ليس مستحيلا”.

وتأتي هذه الدعوة متناغمة مع آخر بيان لقيادة الجيش الثلاثاء الماضي، والذي أصر على أن يكون الحل في إطار الدستور الحالي وبالضبط المواد 102 و7 و8 منه والتي تنص على استقالة الرئيس وعودة السلطة للشعب. كما جددت مجلة الجيش في افتتاحية لها قبل  ثلاثة أيام التأكيد أن المؤسسة العسكرية “تؤيد بشكل كامل” مطالب الشارع التي رفعها منذ بداية المظاهرات مع التمسك بالدستور وهو رفض ضمني لدعوات تشكيل رئاسة جمعية وإطالة عمر المرحلة الانتقالية.

وهذا التوجه مفاده وفق مراقبين، أن الأمور تتجه نحو مرحلة انتقالية من ثلاثة أشهر تنتهي بانتخاب رئيس جديد جويلية القادم، لكن البداية ستكون من تغيير رئيس مجلس الأمة بشخصية توافقية لقيادة المرحلة الإنتقالية. وهذه التطورات تجعل من الساعات القادمة أي إلى غاية انعقاد جلسة البرلمان غدا الثلاثاء “حاسمة”، كون ملامح المرحلة الانتقالية ستتضح فيها في وقت يبدو تغيير رئيس مجلس الأمة “شبه محسوم”.

ويستدعي تغيير رئيس مجلس الأمة استقالة رئيسه عبد القادر بن صالح أولا ثم استدعاء جلسة في أجل أقصاه غدا الاثنين لانتخاب خليفة له من بين الأعضاء وبأغلبية ثلاثة أرباع أعضائه وهي تطورات متوقعة قبل انعقاد جلسة البرلمان بعد غد الثلاثاء . وهناك طريقة أخرى لتغيير رئيس مجلس الأمة عبر تعيين شخصية توافقية خلال الساعات القادمة ضمن الثلث الرئاسي (حصة الرئيس التي مازالت بها 7 مقاعد شاغرة) لخلافة عبد القادر بن صالح، وهو قرار يصدر من رئيس الجمهورية المستقيل قبل ترسيم رحيله.

وكان بوتفليقة قد لمح في رسالة استقالته الثلاثاء الماضي إلى صدور قرارات قبل رحيله النهائي عن الحكم تخص تسيير المرحلة الانتقالية، وجاء في الرسالة “قد اتخذت في هذا المنظور الإجراءات المواتية عملا بصلاحياتي الدستورية وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الانتقالية التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية”.

الخبيرة الدستورية، بن عبو: “جلسة الثلاثاء شكلية وغياب المعارضة لن يؤثر”

وصفت الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، اجتماع غرفتي البرلمان المزمع عقده الثلاثاء لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، بعد إستقالة عبد العزيز بوتفليقة، بـ”الإجتماع الشكلي”.

وأفادت بن عبو بأن جلسة الثلاثاء سيترأسها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بموجب الدستور، موضحة في هذا السياق: “بن صالح هو من يستدعي نواب المجلس الشعبي الوطني، وأعضاء مجلس الأمة، وهو من سيترأس جلسة إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية”، متابعة: “وقبل كل هذا سيتم تحديد نظام داخلي خاصة بالجلسة”.

وفي تعليقها على تهديد بعض نواب المعارضة لعدم حضور الجلسة قالت الخبيرة الدستورية، قالت بن عبو: “النواب ملزمون بحضور الجلسة، لأن التعديل الذي طرأ على دستور 2016 يوجب حضورهم”، مشددة على أن غيابهم لن يؤثر إطلاقا على سير الجلسة لأنه سيتم الاعتماد على بلوغ النصاب، وهذا الأمر مضمون لأن نواب الأغلبية سيكونون في الموعد حسبها. وأشارت المتحدثة إلى أن عبد القادر بن صالح سيكون رئيسا للدولة مباشرة بعد انتهاء الجلسة، مؤكدة بأن الدستور يجيز له ذلك دون الاعتماد على الانتخابات أو التزكية من قبل نواب الغرفة السفلى وأعضاء الغرفة العليا.

رضا. ب

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى