إسلاميات

خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشية الأسدية. كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة، وهي أشرف نساء قريش نسباً، فهي سيدة نساء قريش.

كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من النساء والرجال وهذا بإجماع المسلمين. وقال ابن إسحق كانت خديجة أول من آمنت بالله ورسوله وصدقت ما جاء من عند الله عز وجل وآزرته على أمره فخفف الله بذلك عن رسوله، فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من رد عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت رضي الله عنها.

..موقف رائع من مواقفها:

لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء جاءه الملك, فقال له: اقرأ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما أنا بقارئ ” وكررها ثلاثاً في كل مرة يغطه حتى يبلغ منه الجهد , ثم قال له: اقرأ باسم ربك.. الخ, ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجته خديجة يرجف فؤاده, فدخل عليها, وهو يقول: “زملوني, زملوني “. فزملته حتى ذهب عنه الروع, وأخبرها صلى الله عليه وسلم بالخبر وقال: لقد خشيت على نفسي, فقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبداً, إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل, وتكسب المعدوم, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الدهر.

إنه موقف الزوجة الوفية، الحصيفة الذكية، التي تعرف فضل زوجها , وتستدل بمكارم أخلاقه وفضله على عظيم عناية الله به , وعلى المستقبل العظيم الذي ينتظره.

..جهاد ومؤازرة:

وقفت الزوجة الحنون, والرفيقة العطوف بجانب زوجها المختار صلى الله عليه وسلم تساعده وتشد عضده , وتعينه على احتمال الشدائد والمصائب , تدفع من مالها لنصرته , ومن حنانها وعطفها لمواساته وتسليته , ومن أبرز مواقفها رضي الله عنها: موقفها حينما أعلنت قريش حرباً مدنية على بني هاشم وبني عبد المطلب , وحاصروهم في شِعْب أبي طالب , وسجلت مقاطعتها في صحيفة علقت بداخل الكعبة.

ولم تتردد خديجة رضي الله عنها في الخروج مع زوجها إلى الشعب المحاصر , وتحملت المشاق والمصاعب في سبيل إرضاء الله ثم إرضاء زوجها , ومساندة زوجها وبنيه , وفَضلت ضيق الحياة وخشونتها بجانب زوجها على رغد العيش , وطيب النعمة.

فنعم الزوج كانت , ونعم النصير لدين الله عز وجل ولرسول الله صلى الله عليه وسلم , فجزاها الله عن المسلمين خير الجزاء.

.. أزواجها قبل النبي صلى الله عليه وسلم:

تزوجت قبل النبي صلى الله عليه وسلم مرتين:

زوجها الأول هو: عتيق بن عائذ المخزومي، فبقيت معه حتى وفاته، وأنجبت منه: عبد العزى وهند.

زوجها الثاني هو: أبو هالة هند بن زرارة التميمي، وأنجبت منه: هند والطاهر وهالة، وبعد وفاته كان عمرها خمسة وعشرين عاماً، ولم تتزوج حتى بلغت أربعين سنة رضي الله عنها وأرضاها. ثم تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وعمره خمسة وعشرون عاماً، ومن حبه لها لم يتزوج عليها في حياتها.

أولادها:

كل أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية المصرية، التي أهداها المقوقس صاحب إسكندرية، وقيل أنه أعتقها قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم.

قال ابن كثير رحمه الله: ” لا خلاف أن جميع أولاده من خديجة بنت خويلد، سوى إبراهيم فمن مارية بنت شمعون القبطية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم وبه يُكنى، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، وقيل غير ذلك في الترتيب.

فمات القاسم، وهو أول ميت من ولده بمكة، ثم مات عبد الله، فقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع نسله فهو أبتر، وكانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا: هذا الأبتر، فأنزل الله عز وجل: { إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر } أي: مبغضك هو الأبتر من كل خير. ثم ولدت له مارية بالمدينة إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، فمات ابن ثمانية عشر شهراً. وكل الذكور ماتوا وهم صغار يرضعون، لحكمة بالغة. وماتت بناته رقية وزينب وأم كلثوم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وماتت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر تقريباً.

..وفاؤها:

لم يذكر التأريخ الإنساني على مراحله المختلفة امرأة فاضلة وفت لزوجها، وأدت واجباتها تجاهه مثل خديجة رضي الله عنها، فقد أعطت المال والجهد والحنان والحب والمشورة الصادقة الصائبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خلال مواقفها معه أثناء تبليغ رسالة ربه حتى توفاها الله تعالى وهو راض عنها، فرضي الله عنها وأرضاها.

..فضلها:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ” رواه أحمد والطبراني وغيرهما، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك فأقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ” متفق عليه.

..وفاتها رضي الله عنها:

توفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين، وهذا هو الأصح. وكانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة، ودفنت في الحجون، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفرتها، ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز.

..وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة بعد موتها:

أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ما لم يثن على غيرها، فتقول عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً، قد أبدلك الله خيراً منها، فغضب ثم قال: “لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء” قالت عائشة: فقلتْ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً “.

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى