مقالات

ما بين باريس ولندن

عبدالعزيز العبدالله

في إحدى العطلات جلست في قاعة أحد الفنادق الفخمة في العاصمة الفرنسية باريس، وبتصرف السائح وحب حفظ الذكريات قمت بتصوير طريقة سكب القهوة إلى الفنجان فسقط غطاء الإبريق الزجاجي على الأرض وانكسر!.

هرعت إليّ المُضيفة ليس خوفاً على ما تم كسره! بل اطمئنانًا علي كعميل وتم اقتراح استبدال الإبريق والقهوة بأُخرى ولكني رفضت ذلك لعدم حصول الضرر بالقهوة.

لاحقاً قمت بطلب الفاتورة وقبل وصولها طلبت تأجيل الفاتورة وإحضار نوع من أنواع الكعك، وعند الانتهاء طلبت الفاتورة من جديد ومع التدقيق وظني بأنهم قد أدرجوا سعر الغطاء المكسور فلم أجده، ولكن وجدت أن الطلب الأخير وهو الكعك لم تتم إضافته إلى الفاتورة، فأبلغت المُضيفة بذلك، استبدلت الفاتورة مع ضيافة مجانية وشكرتنا على إخبارها بذلك، عادت المُضيفة إلي لاحقاً فقالت: قِلة من يبلغون عن ذلك “تعني الخطأ”!.

فقالت هل أنت مُسلم؟!

وذكرت أن لها صديقة مُسلمة وأنها الآن تقرأ كُتبا عن الإسلام! وأعادت الشكر لإبلاغها بإضافة ثمن ذلك الكعك.

كُنت أسير بخطوات سريعة مُتجهاً إلى السكن في العاصمة البريطانية لندن، فصادفت في الطريق رجل الأمن الخاص بمسكني يجلس خارج أحد الحانات مع صديق له فألقينا التحية على بعض، فأصر على جلوسي معهم فرفضت بسبب العجالة التي كنت عليها ولم أكن أُفكر في شيء حينها، فقال لي صديق رجل الأمن “غود مُسلم”!.

مسلم صالح، حيث كانت رؤيته أنني لم أُجالسهم، لأن الخمر كان حاضراً معهم على الطاولة! فقرأها بطريقته!.

إذا رأينا في الحدث الأول فإن الأمانة التي ترعرعنا عليها مُنذ صغرنا كتربية وبأخلاق الدين هي من حضرت عند وجود الخطأ في الفاتورة، ولكن هذا الحدث الصغير الذي قد نظن أنه شيء بسيط، ولكن كان له الأثر الكبير في نفس المُضيفة التي لم نعلم اهتمامها في دين الإسلام والآن قد رأت هي أحد نماذجه الحية كما هُم أغلب المسلمين بهذا التصرف، فوقعُ ذلك عليها كان عظيماً وإن شاء الله تكون قد رُزقت الإسلام.

وعند مشاهدتنا للقصة الثانية وإن كُنت لن أُجالس موقعاً يحضر الخمر فيه، ولكن صادف أيضاً عُجالتي في السير ولكن وقعُ الرفض وقعَ في نفس البريطاني فأعقبها بكلمة “غود مُسلم” فهذه خلقت روح المسؤولية لديّ كما يجب أن تكون في جميع المسلمين، ولا نعلم أثر هذا الحدث في نفس هذا الرجل بعد مغادرتي وقراءته لتصرف شخص مُسلم.

إن التعامل بالأخلاق والأمانة يرفع صاحبه في المراتب العُليا من الدُنيا والآخرة،

“كان خلقُه القرآن” عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهي من أعلى المراتب، فإن التعامل بهاتين الخصلتين يشيع روح المحبة والأُلفة بين الأبناء وآبائهم ويخلق البر فيما بينهم، كما يخلق روح الأُلفة بين الزوج وزوجته لحياة مُتزنة يسكنها الاحترام والمحبة، كما يخلق ذلك روح المحبة بين الشخص ومجتمعة، وبين المسلم وغير المسلم، فالأخلاق والأمانة هما الباب الأول، وهما اللذان يمثلان من أنت وما نشأت عليه.

فكم من خلاف سقط بالأخلاق! وكم من غير مُسلم لم يؤمن بالإسلام إلا لأخلاق رأها وأمانة عومل بها.

فإن شئت خيراً في الدُنيا قبل الآخرة فاعمل بهاتين، فسترى بإذن الله عجاب صُنعهما.

ختاماً:

• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا؛ صدق الحديث وحفظ الأمانة وحسن الخلق وعفة مطعم).

أفبعد قوله عليه الصلاة وأتمُ التسليم قول.

الشرق القطرية

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى