قصة عياش المأساوية تنتهي بالإطاحة بوالي المسيلة
رغم محاولاته المتكررة لتصحيح خطأ إرتكبه بسبب “إهماله” في التعاطي مع حادثة محجوبي عياش، التي شدت الرأي العام المحلي والعالمي، في أبرز قصة مأساوية ختم بها الجزائريين عام 2018، فشل والي ولاية المسيلة حاج مقداد، في الإفلات من مقصلة الحساب والعقاب فكانت النتيجة إنهاء مهامه ببيان رئاسي.
تفاعل عدد كبير من الجزائريين أول أمس الثلاثاء، مع خبر إنهاء مهام والي المسيلة، المعلن عنه عبر نشرة الثامنة التي يبثها التلفزيون العمومي، واعتبر ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي، أن الحق إنتصر لـ” عياش” أوما بات يُصطلح عليه بـ”رجل البئر” بعدما سقط في بئر ارتوازية في قرية “أم الشمل” ببلدية الحوامد لولاية المسيلة، يوم 18 ديسمبر وخرج منها ميتًا بتاريخ 23 ديسمبر، بعد محاولات لإنقاذه من طرف مصالح الحماية المدينة طيلة 9 أيام كاملة.
وعلى مدار عملية إنقاذ الشاب الراحل عياش، تعرض والي المسيلة لإنتقادات لاذعة بسبب ” إستهزائه” وعدم تعاطيه بشكل جدي مع قضية إنسانية هزت البلاد من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، إلا الحاج مقداد ( حسب السكان) الذي إكتفى بمراقبة عملية الحفر من مكتبه دون النزول إلى مكان الفاجعة. وبينما أبدى الجزائريون تضامنًا كبيرا مع الشاب وعائلته، وتجمعت الجماهير حول البئر لمتابعة عملية الإنقاذ بكل تفاصيلها، ظلت السلطات المحلية غائبة عن المشهد، بإستثناء مصالح الحماية المدنية التي ظلت تقاوم لوحدها. وفي خطوة للتكفير عن ذنبه، وعلى وقع الهجوم الناري، الذي تعرض له من طرف سكان المنطقة، نزل الوالي بعد مرور 4 أيام على الحادثة ( يوم 21 ديسمبر) لتفقد عمليات الحفر لانتشال جثة عياش فكان الرد قويًا من طرف شقيق الضحية الذي اتهمه بالتقصير في تسخير الإمكانيات اللازمة، ووثق الحضور تلك اللحظة عبر فيديوأحدث ضجة عبر مواقع التواصل الإجتماعي. حيث قال شقيق عياش متحدثًا للوالي “أين كنت منذ أربعة أيام؟ لماذا لم تحضُر لترى حالنا؟”، ليرد الوالي “كنت أتابع الأحداث عبر مساعديّ، ضع ثقتك في الدولة”، وردّ شقيق عياش “ثقتي في الله وفي المواطنين الذين تضامنوا معي، هم الذين وقفوا معنا في محنتنا”.
غضب الجزائريين على والي المسيلة اشتد، عقب إعلان مصالح الحماية المدنية، يوم 23 ديسمبر، بإنتشال جثة عياش بعد تسعة أيام من عملية بحث مثيرة أثارت غضب الجزائريين وأخرجت بعضهم إلى الشارع للاحتجاج. وتحت تأثير خبر وفاة عياش الذي كالصاعقة على الشارع الجزائري، حاول المحتجون إقتحام ولاية المسيلة للمطالبة برحيل حاج مقداد، ووقعت اشتباكات بين مصالح الشرطة والغاضبين من السلطات المحلية. وفي نفس يوم الثلاثاء 25 ديسمبر، أرسلت الحكومة وفدًا وزاريًا إلى ولاية المسيلة قصد الوقوف على الظروف المتعلقة بعملية إنقاذ عياش محجوبي ومآزرة عائلته وذويه.
ورشق محتجون الموكب الوزاري، فيما منع المحتجون الغاضبون الوفد المكون من عدة وزارات من زيارة الحفرة التي قضى فيها عياش بسبب ما إعتبروه، تخاذل السلطات العمومية في مدّ يدّ العون لإبن قريتهم الشاب محجوب العياش. وحاول والي المسيلة حاج مقداد، تصحيح ما يمكن تصحيحه عن طريق إستقبال بلخير محجوبي، شقيق عياش، يوم الإثنين 31 ديسمبر. ونشر نشطاء صورة الإستقبال، عبر شبكات التواصل الإجتماعي، لكن شقيق عياش، أدلى بتصريح صحفي يوم 3 جانفي الجاري، قال فيه إن “الحاج مقداد إستغل الصورة التي جمعته به إعلاميًا وبطريقة بشعة”. وأوضح في السياق “الوالي استغل صورتي معه أبشع إستغلال، كانت جريمة أخرى، للتغطية على فشله في إنقاذ آخي عياش، ولم أصالحه”، وأضاف الذين يقررون أن يصالحوه أم لا هم الشعب الذين تضامنوا في المأساة في 48 ولاية إضافة إلى عرشي والدي”.
وبعد مرور 17 يوما على وفاة عياش، أنهى الرئيس بوتفليقة مهام والي ولاية المسيلة، حاج مقداد بحسب ما أعلن عنه التلفزيون العمومي خلال نشرة الثامنة أول أمس الثلاثاء. وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية أن بوتفليقة أنهى مهام والي المسيلة بناء على أحكام المادة 92 من الدستور. وليست المرة الأولى التي ينهى فيها مهام ولاة جمهورية قصروا في أداء مهامهم، وكانت آخر حادثة بتاريخ 3 سبتمبر، حيث تم إنهاء مهام والي ولاية البليدة مصطفى لعياضي. وجاء فصل الوالي عقب تفشي وباء الكوليرا، والذي أصاب بشكل كبير ولاية البليدة، حيث وجهت انتقادات لاذعة للمسؤول المحلي بسبب الإدارة الفوضوية للأزمة الناجمة عن وباء الكوليرا، الذي أربك الجزائريين. وصدم والي البليدة سكان المنطقة بسبب تصرفه مع إحدى المريضات بالكوليرا، حيث منعهم من فتح الباب ليتكلموا معه، واكتفى بمخاطبتهم من خلف غضبان الباب الحديدي.
ر. ب