“الحراك الشعبي” محور معظم الأعمال التلفزيونية الرمضانية

شكل الحراك الشعبي الذي انطلق منذ 22 فيفري و متواصل الى غاية الان، مادة دسمة لمختلف الأعمال الفنية التي تعرض في هذا الشهر الفضيل على غرار كاميرا كاشي “راني وليت طاكسي بوليتيك”، “دار لعجب”، “دقيوس ومقيوس”، “ناس سطح”الذي عاد بعد انقطاع لمدة سنتين بسبب الرقابة الفنية.
لم تخلو الأعمال الفنية المقدمة للموسم الرمضاني لهذه السنة من عبارة “يتنحاو قاع”، “خاوة… خاوة ” و “سلمية ..سلمية”، وهذا ما كان منتظرا بعد حراك دام لأكثر من شهرين، لكن ما هو ملاحظ حتى الآن ومن خلال متابعة سريعة لمختلف الأعمال المعروضة في هذا الشهر، يمكن القول إن النص هو الضحية الأولى لهذه الأعمال لكل المنتجين، حيث تم التساهل في اختيار كتّاب لديهم أفكار أو حتى محترفين في كتابة السيناريو، فبدل أن تكون مساندة للحراك ومسايرة لاحداثه، فجاءت بالعكس حيث معظمها تسخر في مضمونها من ثورة الشعب السلمية وتميّع الحراك بأعمال سطحية ورديئة، فعلى ما يبدو أن القنوات التي أرادت اغتنام الفرصة من أجل صناعة “الحدث” وكسب ثقة مشاهد وتلبي رغبته وذائقته لكي تتطرق بسخرية للرئيس السابق في حصص فكاهية تهريجية ونشير هنا للكاميرا الخفية “طاكسي بوليتيك”، التي يمكن ان نرى ان مضمونها فارغ من أي رسالة كما يبدو أنا القائمين عليها لم ينتبهوا لأهمية الثورة التي يقودها الشعب ضد سلطته، فإذا كان هو متحضر في مطلبه كيف لمنتجين ومخرجين ومبدعين يستصغرون من قيمة ما يحدث ويقدمون أعمال أقل ما يمكن القول عنها أنها ساذجة وفارغة من مضمونها هدفها فقط الاستخفاف بعقل المشاهد وذائقته، والواضح من هذه الاعمال انها تريد تميع ثورة الشعب وحراكه، وهي اليوم موجودة للاستهزاء، حتى من شعاراته الوجودية كشعار” تتنحاو قاع”، التي جعلته مادة سامة لوجبات مملة جدا، وهذا ما يثبت اننا نعيش في أزمة بطالة فنية وابداعية.
نفس الحديث يمكن قوله بالنسبة سيتكوم “دار العجب” في موسمها الثاني وهي سلسلة تستخف بعقل المشاهد تستسهل اهمية الحراك وتريد ان ترسخ فكرة ان الحراك جاء من العدم، وأنه ما هو إلا مجرد مسيرة يراد منها التغير فحسب، وفي ظل هذه الاعمال يجب القول أن مثل هذه الاحداث السياسية التي تشهدها البلاد وبطلها الاول والأخير هو الشعب، الذي اختار ان يحقق مطالبه بسلمية، تحتاج الى تأني وتريث لمعرفة مصير هذا الحراك ونتائجه، وهو بذلك يحتاج الى دراسات مقننة، ولا يجب ان يستخف المبدعين بفكر الشعب.
دقيوس ومقيوس
لا تزال سلسلة “دقيوس ومقيوس” للمخرج عبد القادر جريو الذي يصنع الحدث في الموسم الرمضاني لهذه السنة من خلال دوره في مسلسل “اولاد الحلال”، ومن خلال سلسلة “ناس السطح”التي عادت بعد انقطاع دام سنتين، في صدارة نسبة المشاهدة حيث مازالت تحقق نسبة مشاهدة عالية، باعتباره العمل الوحيد الذي تجاوز مشكل السيناريو، والعمل يروي جانبا من قصص وحكايات يصنعها مجاهد ورفيقه السابق، يتحفنا الجميع ببطولاتهما اثناء الصورة ولكن “فلاش باك سريع” داخل السلسلة نكتشف أننا بصدد مجاهدين مزيفين، أو حتى “حركى” دعما فرنسا وحاربوا من أجل بقائها، وما رسخ العمل هو الأداء الفني المبهر لكل من نبيل عسلي ونسيم حدوش والإخراج الفني المتمكن لعبد القادر جريو يجعل من السلسلة الأهم.
نسرين أحمد زواوي