وطن

“دقلة نور” بأسعار خيالية وحملات مقاطعة عبر “الفيسبوك”

مع بداية شهر رمضان قفزت أسعار التمور متوسطة الجودة إلى أعلى مستوياتها بسبب إقبال العائلات الجزائرية على تناول المادة إحياء للسنة النبوية التي تُرغّب الصائمين في تناول التمور في الافطار.

حيث استغل المضاربون والتجار الفرصة لنهب جيوب الصائمين وجني الأموال برفع الأسعار التمور إلى حدود 650 و700 دينار بعدما ما كانت لا تتعدي 500 دينار قبل أسابيع من حلول الشهر الفضيل، وهو ما خلّف استياء لذوي الدخل الضعيف، منهم من استغنى عنها ومنهم من يقتني النوعية “تحت المتوسط”، أما عن دقلة نور(950 دينار) والتي تعد أجود انواع التمور في الجزائر فلمن استطاع إليها سبيلا.

وكعينة عن القضية من قلب الصحراء الجزائرية، لجأ الورقليون من شرائح مختلفة إلى تمر “الغرس” التي أصبحت تزين مائدة الإفطار بعد أن شهدت أسعار “دقلة نور” إرتفاعا “جنونيا” بأسواق التمور عند حلول الشهر الفضيل.

ويعد “الغرس ” واحدا من أصناف التمور المنتجة بكثرة بالمنطقة وتحظى باستهلاك واسع من طرف العائلات الورقلية لما تحمله من فوائد غذائية للصائم من جهة ولأسعارها المناسبة التي لا تزيد عن 200 دج للكيلوغرام الواحد من جهة أخرى، علما أن “دقلة نور” التي طالما ارتبط تزايد استهلاكها بمناسبة شهر رمضان المعظم لم تعد على الأقل مع بدايات شهر الصيام في متناول أغلب شرائح المجتمع.

ويشهد تمر “الغرس” رواجا كبيرا في أوساط المستهلكين منذ مطلع الشهر الكريم الذين يفضلون تناول هذا النوع من التمور، حيث يسجل إقبالا واسعا على طاولات بيع هذا التمر بأسواق ورقلة.

ويشكل هذا الصنف من التمور مصدر رزق لعديد العائلات التي تقوم بحفظه وتعليبه منزليا عن طريق فرز حبات التمر من حيث الطول والحجم والوزن وتنظيفه بإزالة الشوائب العالقة به قبل وضعه في الماء وتجفيفه تحت أشعة الشمس، وفقا لما صرحت به السيدة فاطمة الزهراء إحدى النساء اللواتي دأبن على القيام بهذه العملية والتي تقطن بمنطقة الشط ببلدية عين البيضاء (10 كلم شرق ورقلة).

ويتم تعليب هذه الثمرة ذات الطلب الواسع هذه الأيام الرمضانية عن طريق وضعه ورصه داخل أكياس من القماش أو عبوات بلاستيكية، والضغط عليها باليد لإفراغها من الهواء قبل إغلاقها بشكل محكم مما يؤدي إلى إمكانية الإحتفاظ بها لفترات طويلة، إستنادا للمتحدثة.

وبعد الإنتهاء من عملية تعليب تمر “الغرس” يتم تسويقه أو الإحتفاظ به لأغراض المؤونة تستخدم في صنع عديد أنواع الحلويات والأطباق التقليدية لاسيما خلال مواسم الأعراس والأفراح، فيما تتفنن عائلات أخرى في استخدامه لصنع “الكليلة” أو”الرفيس” أو” الزريرة”، وهو خليط من غرس التمر والدقيق والدهان أوالزبدة، وهو يشكل زادا رئيسيا للمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام.

.. حملات عبر صفحات التواصل الإجتماعي لمقاطعة “دقلة نور”

نشر عديد رواد موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك” عبر صفحات محلية تعليقات تعبر عن “تذمرهم” الشديد بخصوص الأسعار المرتفعة التي تجتاح أسواق بيع “دقلة نور ” منذ مطلع شهر رمضان المبارك، والتي تجاوزت حسبهم سقف 750 دج للكيلوغرام الواحد، داعين إلى شن حملة لمقاطعتها.

وتسائل العديد منهم عن أسباب ارتفاع أسعار تمور ” دقلة نور” بالرغم من أن المنتوج المعروض في أسواق مدينة ورقلة (أسواق السبت والحجر والقصبة وغيرها )، هوعبارة عن محصول مجمد تم إنتاجه برسم موسم الجني للسنة الفارطة، وهي الطريقة التي ينتهجها عادة معظم سكان المنطقة كوسيلة للحفاظ على التمور.

ورفع عديد المواطنين شعار ” يخليه يفسد” خلال هذه الحملة التي عرفت إستجابة “واسعة” في أوساط رواد الصفحات الفايسبوكية المحلية.

وفي هذا الصدد، يرى كمال أحد رواد ذات الصفحة ” أنه من الغير المبرر إطلاقا غلاء سعر التمور إلى هذا الحد في منطقة تعتبر واحدة من أكبر منتجي التمور، فيما لا تتجاوز -حسبه- أسعارها في ولايات بعيدة على غرار الجزائر العاصمة أوقسنطينة أووهران 450 دج للكيلوغرام الواحد كحد أقصى”.

وفي المقابل وللمفارقة الغريبة -يضيف نفس المصدر-يتم استيراد فاكهة الموز من دول أمريكا اللاتينية إلى الجزائر، ويباع بسعر أقصاه 300 دج للكيلوغرام الواحد، فيما يصل سعر تمر “دقلة نور ” المنتجة محليا إلى أضعاف هذا الثمن.

وأرجع عديد تجار التمور بورقلة ومن بينهم السيد قادر بن أحمد ارتفاع أسعار “دقلة نور” إلى مردودها غير الوفير خلال الموسم الفلاحي الفارط بسبب عديد العوامل سيما المرتبطة بالمناخ (برودة ورياح قوية وأمراض تصيب النخلة) إلى جانب أن حالات لمحصول غير كامل النضج ( حشف أوصيش وهو عبارة عن تمر جاف غير صالح للإستهلاك ) قد اجتاحت أعداد كبيرة من النخيل المثمر.

ومن جهته إعتبر خنفر رهو ( متسلق النخلة ) بأن ” تعب الفلاح والخسارة التي يتكبدها في بعض المواسم الفلاحية لأسباب مناخية أو لعوامل أخرى بالإضافة إلى نقص اليد العاملة المؤهلة والأسعار التي يفرضها القطاع المقدرة بـ200 دج للنخلة الواحدة إلى جانب تكاليف سقيها ومعالجتها وغيرها، من بين أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار دقلة نور “.

“لا يجد المستهلك حرجا في إقتناء فاكهة التفاح خلال شهر الصيام بما يفوق 700 دج ومادة زيت الزيتون ب 1.000 دج للتر الواحد ناهيك عن مواد استهلاكية أخرى قد تكون ثانوية، فيما يشن حملة لمقاطعة التمر المحلي الذي يعتبر مادة استهلاكية هامة لقيمتها الغذائية ولفوائدها الصحية للصائم “، يقول المصدر.

ومن جانبه، أرجع رئيس الغرفة الفلاحية بورقلة غلاء أسعار تمور “دقلة نور” إلى ظاهرة المضاربة في الأسعار من طرف التجار وأيضا لإشكالية التخزين، لافتا في هذا الإطار، إلى أن هذه الظاهرة شأنها كشأن ارتفاع أسعار الخضر والفواكه (بطاطس وطماطم وغيرها ) ولا دخل للفلاح فيها حيث يقوم هذا الأخير ببيع محصوله في وقته.

وشدد السيد عقبة شكري بوزياني على أهمية تنسيق جهود جميع الفاعلين وتكثيف عمليات المراقبة من طرف مصالح مديرية التجارة وتسقيف الأسعار من أجل حماية المواطن والفلاح على حد سواء.

وإستنادا لمدير التجارة العياشي عمروني فإن هذه المادة الإستهلاكية “غير مقننة”، مما جعلها عرضة للمضاربة من طرف التجار.

وتحصي ولاية ورقلة التي تعتبر واحدة من الولايات الأولى المنتجة للتمور بالجزائر ثروة تناهز 2،5 مليون نخلة على مساحة تصل إلى 23 ألف هكتار من بينها 2،1 مليون نخلة منتجة، حيث يقدر الإنتاج السنوي من التمور بكل أصنافها بنحو1،4 مليون قنطار، حسب معطيات مديرية المصالح الفلاحية.

ويشكل صنف “دقلة نور” (العسلية ذات اللون الذهبي) أكثر أنواع التمور رواجا بحيث يحصي هذا النوع ما مجموعه 1،4 مليون نخلة من بينها 1،1 مليون نخلة منتجة فيما يتوزع صنفا “الغرس ” و”الدقلة البيضاء” على ما يناهز واحد (1) مليون نخلة منتجة، كما أشير إليه.

ز.ي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى