مقالات

عملاء وجواسيس غيروا مسار التاريخ

بقلم: حسين موسى/  مستشار  سياسي

اختمرت لدى فكرة حول كيفيه صناعة العملاء والجواسيس وكنت قد طالعت بعض الكتب التي تكلمت عنهم على نحو دقيق فأدهشني كيف يغير الجواسيس والعملاء مسار التاريخ فقررت كتابة هذا المقال ليكون ناقوس خطر لمجتمعاتنا العربية  ليأخذوا حذرهم.

فالأفراد هم صانعو التاريخ ومحركو الحوادث وهم في ميدان الجاسوسية يقومون بأعمال تمهد بالضرورة لكسب الحرب او تحقيق الفوز في مجال معين او تامين السلم وكلمات المخابرات والجاسوسية تثير كثير من الحساسية والغموض لدى الكثيرين الا انه يمكن القول بان اجهزة المخابرات والأمن في كل دولة تقدم لأوطانها خدمات جليلة وكبيرة ويبادر لذهني حاليا قول نابليون بونابرت ( ان جاسوسا واحدا في الوضع المناسب هو بمثابة عشرين الف جندي فلا الميدان ). ومما يؤكد اهمية العميل او الجاسوس ما ذكره الملك جورج الخامس حيث قال ( اعتقد ان الجاسوس هو اعظم الجنود ويكره العدو اشد من غيره لأنه يخشاه اكثر من أي شى اخر ).

وفي هذا المقال سوف اتناول مجموعة من العملاء استطاعوا التأثير على مسار التاريخ ومنهم :

فريتز كوردز:

الصحفي النمساوي الذي تسلل الى عالم الاعمال عن طريق النصب و التحايل و من ثم الى عالم الجاسوسية حيث جندته المخابرات الألمانية أول الأمر ثم تلقفته المخابرات السوفياتية ليبدأ عمله الحقيقي كعميل مزدوج وقع زرعه داخل جهاز المخابرات الألماني ورغم الشك الذي انتاب الألمان نتيجة الدقة المبالغ فيها للمعلومات التي كان كوردز يوفرها إلا أن أمره لم يكتشف وأسفرت معلومات عسكرية قدمها للسوفييت سنة  1944ومعلومات زائفة قدمها للألمان عن حصول مذبحة للجيش الألماني قتل فيها أكثر من نصف مليون جندي ولم يتوقف بعدها الجيش الأحمر إلا في قلب العاصمة برلين

عالم الفيزياء النووية الألماني كلاوس فوتش:

هو  الرجل الذي سرق القنبلة النووية ومجمل الحكاية انه كان مواطنا ألمانيا شيوعيا و بوصول هتلر إلى السلطة فر إلى بريطانيا وعند نشوب الحرب وببدء البريطانيين و الأمريكيين العمل على مشروع القنبلة النووية وباعتبار فوتش عاملا في المشروع و لاعتبارات أيديولوجية بحتة بدا في سرقة الوثائق العلمية وتسريبها للسوفيات مما أدى إلى نجاح الروس في إجراء أول تفجير نووي وقد اكتشف أمره وحكم عليه بالسجن لمدة ثم غادر انكلترا ليستقر في ألمانيا الشرقية إلى حين وفاته سنة 1979.

كانغ شينغ :

الشيوعي الصيني المقرب من ماو تسي تونغ والذي أدى ذكاءه المفرط وعنفه الشديد إلى انتصار الشيوعيين على الوطنيين بعد أن مارس شتى صنوف المؤامرات والتصفيات بوصفه شاغلا لمنصب رئيس دائرة المهام الخاصة وهي النواة الأولى لجهاز المخابرات الصيني

مارجريت كاميل جيج

زوجة الجنرال، توماس جيج، الذي قاد الجيش البريطاني خلال الحرب البريطانية – الأميركية، وهي أمريكية، ولدت عام 1734 في ولاية نيوجيرسي، وتزوجت من هذا العسكري الإنجليزي، لكن بقي ولائها لدولتها، ولذلك أرسلت «مارجريت» معلومات عن خطط زوجها، للإغارة على ليكسينجتون وكونكورد للأميركيين.

وبعد انكشاف تسرب المعلومات لم يستطع زوجها إثبات الأمر فأرسلها إلى إنجلترا لتبتعد عن ساحة المعركة وفق أوامر زوجها في صيف عام 1775.

نور عنايت خان

في 13 سبتمبر عام 1944، سقطت الفتاة الهندية الجميلة «نور» قتيلة، سليلة عائلة سبق وحكمت الهند، بعد أن تعرضت للتعذيب بوحشية على يد النازي في معسكر الاعتقال، داخاو، وانتهى الأمر بإعدامها برصاصة في الرأس.

وعملت «نور» مع المخابرات البريطانية ضد النظام النازي في فرنسا أثناء احتلالها، حيث كونت شبكة جاسوسية، وتعتبر أول جاسوسة ترسل معلومتها عبر موجات الراديو في التاريخ.

وتعرضت «نور» للخيانة، ما أدى للقبض عليها، إلا أنها صمدت أمام كافة محاولات الاستجواب والتعذيب ولم يعرف البوليس السري الألماني «جيستابو» حتى اسمها الحقيقي، وحينما جاءت لحظة إعدامها هتفت نور «حرية» قبل أن تسقط قتيلة. ووضع تمثال نصفي لـ«نور» في جوردون بلندن عام 2012، ليكون أول تمثال لامرأة آسيوية مسلمة يوضع في ميدان عام بإنجلترا.

أحمد محمد عبد الرحمن الهوان و شهرته جمعة الشوّان :

عميل مزدوج لجهاز المخابرات العامة المصرية بعد نكسة 1967 . يعتبر من أهم العملاء الذين شهدهم صراع المخابرات المصري الإسرائيلي. حيث نجح في خداع شمعون بيريز رئيس اسرائيل واستطاع الحصول على اصغر جهاز ارسال آنذاك

رأفت الهجان :

هو الاسم الحركي للمواطن المصري رفعت علي سليمان الجمال، الذي جندته المخابرات العامة المصرية ورحل إلى إسرائيل بتكليف منها في إطار خطة منظمة في يونيو عام 1956 وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب وأصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي وحسب الرواية المصرية فإن الهجان قام ولسنوات طويلة بالتجسس وإمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستار شركة سياحية داخل إسرائيل حيث زود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو لسنة 1967 وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر سنة 1973 بعد أن زود مصر بتفاصيل عن خط برليف.

.. العمليات المخابراتية في ظل حروب الجيل السادس

مفهوم الجيل السادس من الحروب..

ان تصنيف “الجيل السادس” من الحروب كان اول من اطلقه روسيا باعتبارها ذلك النوع من الحروب الذي لا يعتمد على الاتصال..او بمعنى آخر تدار كاملة عن بعد “no-contact warfare”… يشمل ذلك كل ما هو معني بالحرب سواء اكان أسلحة أو إمكانيات أو افراد… بداية من الأسلحة النووية التكتيكية الى ادارة الصراع الاقتصادي والمعلوماتي الى استهداف الأفراد أنفسهم عن بعد.. سواء أكانوا فرادى أو مجموعات…

وقد صاغ مصطلح “الجيل السادس الحرب” لأول مرة المجر جنرال فلاديمير سليبتشينكو لاستخدام أنظمة تسليح عالية الدقة التي يمكن أن تجعل من الجيوش التقليدية امور عفا عليها الزمن… وقد تجلى ذلك باستخدام الأسلحة “الذكية” من قبل الولايات المتحدة في عاصفة الصحراء في يناير 1991 عقب غزو الرئيس العراقي صدام حسين للكويت… وعام 2003 م والحرب في افغانستان وفي يوغوسلافيا عام 1999م…أي أن الدول تحارب من خلال نظم وليس من خلال جيوش…

والأسلحة الذكية تشمل أمور متعددة منها على سبيل المثل لا الحصر الصاروخ القابل للتوجيه عن بعد والقنبلة الذكية المجهزة للتوجيه بالليزر أو نظام إرشاد عبر الأقمار الاصطناعية..ونظم الدفاع الصاروخي.. او الأسلحة الذكية التي تعتمد على التوجيه الذاتي، او الطائرات بدون طيار، أو الألغام التي يتم تفعيلها أو تعطيلها تلقائيا عبر الأقمار الصناعية وجمع المعلومات الاستخبارية ..أو باستغلال النظام العالمي لوسائل الملاحة…وكل ما يمكن استهدافه عبر الكمبيوتر او الاقمار الصناعية او غيرها….الخ… ناهينا بالطبع عن استخدام كل ما هو في الطبيعة كسلاح عن بعد كالأسلحة التكتونية بما فيها هارب والكيمتريل و”الصوت الصامت” والحروب البيولوجية بكافة انواعها…وكذلك التراكب والتعاون بين كل منهم…

فمثلا تم استخدام الكيمتريل في حرب العراق كما تم دمج فيروسات مخلقة في الكيمتريل الذي القى على ساحات القتال قبل المعركة..ومنها ما تسبب في ما عرف ب”مرض الخليج” فيما بعد…وكذلك الصوت الخفيض تم تسليطه على الجنود والافراد في حرب العراق مما أدى للسيطرة وعمل على استسلام الآلاف قبل الدخول في الضربات العسكرية .. كما تم استخدام هارب منذ سنوات طويلة وبقدراته التقليدية من السيطرة عن بعد الى تفعيل الكوارث الطبيعية الى استهداف وتعطيل منشآت بعينها.. ساعد على ذلك التقدم الأمريكي الأخير في التكنولوجيا التي تسمح للولايات المتحدة بادارة حرب في نصف الكرة الآخر من العالم…

ومن أهم مظاهر 6GW  هو التجنيد الكامل لشبكة الاتصالات العالمية والنظم المعلوماتية.. سواء باستهداف منشآت الدول ونظمها العسكرية أو المؤسسات والأفراد.. حيث ان مجال 6GW يستند إلى الإنترنت وصناعة الإرهاب والعنف بواسطتها في العالم الحقيقي!!!!!

حيث بات من الممكن صناعة تشكيلات عصابية عالمية تدار من خلال الشبكة..وحتى سرقة الهوية والاحتيال والتسبب في تريليونات من الدولارات من الخسائر …والجمع بين شبكة الإنترنت مع الشبكات الإرهابية وإدارة حروب كاملة عن بعد…

يضاف لذلك الدخول على الهواتف الأرضية أو الخلوية والكمبيوترات الخاصة والتلفزيون الكابلي واجهزة الريسيفر وتقريبا كافة الاجهزة المنزلية…

وبالطبع كل بند فيما تحدثنا عنه يشمل تفاصيل لا حصر لها.. سواء على المستوى التسليحي كالصواريخ العابرة للقارات ذات الرؤوس القادرة على الانخراط في المناورات الكاملة حتى للمرحلة النهائية… وأسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت مع الرؤوس الحربية التقليدية المتقدمة والاسلحة الميكروية واسلحة البلازما والقنابل الكهرومغناطيسية والقدرات الفائقة للأقمار الصناعية الحديثة وبخاصة منظومة “الجن الفضائي” التي تحدثنا عنها في السابق والتي تشتمل على حوالي النصف مليون قمر صناعي صغير نسبيا تم اطلاقها منذ سنوات قليلة في مدارات حول الأرض بعيدة عن المدارات الاعتيادية سواء لأقمار التجسس أو للأقمار الخدمية..وتشتمل تلك المنظومة الحديثة على قدرات عالية الدقة سواء للتجسس أو للإستهداف أو للتعاون مع غيرها من المنظومات التسليحية الفاعلة عن بعد..ولها العديد من الأهداف الهامة غير مهمة التجسس في حروب الجيل السادس.. منها أنها مزودة بأجهزة MMG الخاصة بمسح خريطة النشاطات المغناطيسية للعقل والجسم البشري.. مما يعطيها مزايا عالية في استهداف الأفراد وامكانيات عالية للتحكم فيما عرف بشرائح التحكم البشرية RFID ..والتي تم بالفعل بعد الحملات الترويجية تم زرعها في اكثر من ملياري مواطن “طواعية” غالبيتهم من امريكا التي تنوي تعميمها حول العالم!!!! … كما ان منظومة الجن الفضائي تتعاون ايضا مع سلاح “هارب” لضمان قدرات متطورة من التحكم سواء لإحداث الظواهر أو الكوارث الطبيعية المصنعة أو لاستهداف الأفراد بالموجات الكهرومغناطيسية.. كما ان تلك الأقمار تشترك مع منظومة “إيشلون” للتجسس حول العالم وغيرها من مشاريع القرصنة الحديثة بأنواعها المختلفة..ومنها القرصنة البيولوجية Bio-Hack التي شرحناها بالتفصيل في السابق..

تلك الأقمار لها دور اساسي مستقبلي في احكام التعامل مع أجهزة العرض الفضائي المعدة لتنفيذ خطوات مشروع “الشعاع الأزرق” وخديعة “الغزو الفضائي”.

ولا يخفى عنا بهذا الصدد الاشتراك أيضا مع الأنواع المتطورة من “الكيمتريل” وخاصة بعد دمج الريبوتات النانوية Nano-Ropots في الأنواع الحديثة من الكيمتريل..

وإذا كنا نتحدث عن حروب الجيل السادس 6GW  بوصفها حروب تقاد وتفعل أدواتها ويتم التحكم بها عن بعد..فلابد أن نلاحظ أن أخطر ما بها هو استهداف الانسان وعقله وجسده.. واستغلال كل ما في الطبيعة حوله كسلاح يدار ويسيطر عليه من مسافات بعيدة… سواء استغلال الهواء كسلاح أو مظاهر الطبيعة التي يتم تصنيعها أو حتى مشاريع “السايبورج” وغيرها من المشاريع المتطورة التي لم تستهدف فقط إلحاق أجزاء مصنعة بالجسد البشري..بل استغلال الحشرات والطيور والأسماك وغيرها من الكائنات كأدوات للتجسس وإلحاق الضرر عن بعد..كما تناولنا ذلك ايضا بالتفصيل والشرح في مشاريع السايبورج وغيرها من المهام الحديثة التي تقوم عليها عدة مراكز علمية وبحثية تابعة لجهات عسكرية.. وعلى رأسها وكالة داربا للمشاريع المتقدمة والتابعة للبنتاجون…

الخلاصة.. أن ما نعايشه من تداخل عدة أجيال أو تصنيفات أو استراتيجيات في الحروب الحالية أمر نلمسه جميعا وبات على الجميع سرعة تداركه.. سواء أكانت حروب الجيل الرابع والمعنية ب”إفشال الدولة وتدمير قواها وتفتيت مؤسساتها”.. أو حروب الجيل الخامس المعنية بالتعامل مع كيانات صغيرة متعددة ممنهجة وتشكيلات عصابية وتنظيمات ارهابية واستخدام المواطنين كلاعب أساسي وليس بمواجهة جيوش كاملة مع تفعيل المجال السايبري في كلاهما… وحتى حروب الجيل السادس المعنية بكل ما يتم التحكم به تماما والسيطرة وإدارة الحرب عن بعد.. والتي تناولناها هنا باختصار وتم شرح العديد من مشتملاتها الهامة والحديثة في عشرات المواضيع التي تم نشرها على الصفحة… وبالطبع كما أن القانون الإلهي انه لا يوجد داء إلا وُجد له الدواء.. فعوضا عن المسؤوليات الفردية المنوط بها كل منا ..لكن أن لمؤسسات الدول المستهدفة وبخاصة في الدول العربية ودول الشرق الأوسط الدور الأساسي للتعامل المسؤول المحترف مع متطلبات الردع لمناهج الحروب الحديثة.. حيث أن التقنيات المضادة موجودة بالفعل.. لكن شغل منطقتنا بالصراعات الدائمة كان من أهم أهدافه دائما وأبدا ألا تقوم لها قائمة..وألا تفيق كما يجب للمقاومة الواجبة لنوعية الحروب الحديثة والتصدي لها بل وعمل ضربات استباقية أيضا.. ولذا وجب التكرار مرارا على ضرورة الوعي للمواطنين للوصول لحالة استقرار وانتماء وفهم كافي لإعطاء مساحة مطلوبة وعاجلة للتعامل مع حقيقة المخططات الحالية والفكاك من هيمنتها وسطوتها التي لا تتأتى الا بضعفنا وجهلنا وابقائنا في صراع دائم…

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى