مقالات

هل التجارة الصينية في طريق الانهيار؟

جون أوثرز

ما هي نسبة الاحتياطي المطلوب الذي تدرسه السلطات الصينية؟

أهم الأخبار المالية التي نستهل بها الأسبوع هي أن الصين ستخفض نسب متطلبات الاحتياطي المطلوب لجميع البنوك، وهو ما يعني أنه يمكنها إقراض المزيد، وبالتالي ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد الصيني، وهي حركة مخففة تعني المزيد من السيولة.

يكتسب هذا الأمر أهمية أكبر لأن هذا هو أول خفض لنسبة الاحتياطي المطلوب منذ الأيام الأكثر ظلمة للوباء في العام الماضي، ولأنه يعني أن السلطات باتت متساهلة مع البنوك كما كان الحال منذ عام 2007 في تلك المرحلة، كان على الصين أن تتعامل مع فقاعة متفجرة في سوق الأوراق المالية المحلية، ومن ثم التعامل مع الأزمة المالية العالمية. ومنذ ذلك الحين، كانت السلطات حريصة على تجنب «لحظة ليمان» صينية، لذلك يكتسب خفض نسبة العائد المطلوب أهمية أكبر.

توضح المؤشرات البيانية أن هذا تحرك فني في المقام الأول جاء مدفوعا بالحاجة إلى استبدال السيولة التي كانت تأتي حتى الآن من تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، أو من الصناديق متعددة الأطراف. قد يبتهج المستثمرون بأن الصين تضخ السيولة لأنها كانت أكثر تحفظا، وسيتعين على المزيد من الأموال المتداولة العثور على مكان ما. ولكن بشكل عام، ليس هناك شك في أن خفض نسبة الاحتياطي المطلوب هو تطور غير مرغوب فيه. فالسلطات الصينية لا تحب التخفيف، وحتى مع انتهاء صلاحية الصناديق متعددة الأطراف كذريعة، فإنها لا يمكنها فعل ذلك إلا في وجود سبب وجيه للخوف من التباطؤ الاقتصادي. وقد لخص الخبير الاقتصادي الصيني في بنك سوسيتيه جنرال، وي ياو، هذه الطريقة بقوله: «يوحي التاريخ الماضي لعمليات خفض نسبة العائد للمتطلبات (من أي نوع) أن هذه الأداة لا تُستخدم أبدا عندما يكون الاقتصاد في حالة جيدة. والآن بعد أن تم سحب الزناد، هناك أمران واضحان: أولا، الاقتصاد لا يعمل بشكل جيد، ومن المرجح أن يتم تأكيد ذلك من خلال بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من الأسبوع المقبل. ثانيا، بدأت دورة التيسير في الصين، ونتوقع الآن خفضا إضافيا للشراء بنسبة 50 نقطة أساس في الربع الرابع. واستنادا إلى توقعاتنا الاقتصادية الحالية ومع الأخذ في الاعتبار كراهية بنك الشعب الصيني للتيسير المفرط، فإننا لا نعتقد أن الاقتصاد سيبرر خفض سعر الفائدة العام الجاري حتى الآن، لكن هذا يبدو أكثر احتمالية العام المقبل. ومع ذلك، حتى دون خفض أسعار الفائدة، من المحتمل أن يقوم بنك الشعب الصيني بتخفيض أسعار الفائدة بين البنوك من خلال ضخ سيولة أكثر سخاء من هنا».

جاءت الأخبار لتضيف إلى ما كان بالفعل خسارة أولية واضحة للثقة بالاقتصاد الصيني والأصول. فبالنسبة لأحد المؤشرات، كان مؤشر S & P / BNY Mellon لإيصالات الودائع الصينية الأميركية (الشركات الصينية الكبيرة التي يجري الرجوع إليها في نيويورك) قد قاد بقية العالم بشكل مريح منذ أن وصلت سوق الأسهم في البلاد إلى القاع في أوائل عام 2016 بعد انخفاض قيمة العملة التي أسيء إدارتها. لكن هذا تراجع بطريقة مذهلة، حيث قام مؤشر MSCI World لأسهم الأسواق المتقدمة الآن بإصلاح شهادات الإيداع الصينية.

بطبيعة الحال، هذا الأمر له علاقة كبيرة بالاهتمام بالسياسة. فما يشار إليه باختصار على أنه مشكلة حوكمة الشركات في الصين بات يزداد حدة. فقد أدت قضية شركة «ديدي» إلى تراجع آخر، حيث تواصل الشركة سلسلة من الحوادث، بما في ذلك إغراق الاكتتاب العام الأولي لشركة Ant Group Co، وإجراءات مكافحة الاحتكار ضد الشركة الأم Alibaba Group Holding Ltd، والتي تظهر أنه عندما يتعين على السلطات الصينية الاختيار بين السياسة والأسواق الحرة، فإن السياسة تفوز. هذا نظام شيوعي يتبنى دافع الربح كطريقة لإنجاز الأمور والوفاء بالخطط الخمسية، لكن همه الأكثر هو بقاء الحزب، وسوف يتصرف بشكل انتهازي لحماية نفسه.

فكما يوضح التحقيق التنظيمي ضد شركة «ديدي» المُدرج حديثا كعنصر حاسم في الضعف الصيني، حسب نيال فيرغسون في مقال آخر، فإن جعل أمثال شركات سيارات الأجرة و«علي بابا» تترقب وتحذر سيساعد الحزب الشيوعي في الحفاظ على هيمنته، لكنه سيقيد أيضاً دافع الربح. إن العداء المفتوح للإدراج في البلدان الأجنبية من شأنه أن يفتح الباب أمام خطر ظهور شكل من أشكال «حماية رأس المال»، والتي يمكن أن تترسخ بسهولة في أيام الاستثمار السلبي إذا تحول المستثمرون العالميون ببساطة إلى المؤشرات التي تستبعد الصين. على المدى الطويل، هذه التطورات مقلقة بالنسبة لآفاق النمو على المدى الطويل للصين، وبالتالي العالم على نطاق واسع العالم.

هناك مجال واسع لأن تتفكك التجارة الصينية أكثر، حيث لم يؤد العداء المتزايد للنظام للقطاع الخاص إلى ردع الاستثمارات الأجنبية، سواء في الأسهم أو السندات الصينية خلال معظم فترة الوباء. فقد ارتفعت الملكية الأجنبية للأسهم والسندات بشكل مثير للإعجاب خلال الفترة (على الرغم من أن بداية الانسحاب من الأسهم كانت ظاهرة).

في غضون ذلك، هناك مخاوف متزايدة بشأن ائتمان الشركات الصينية. فليس من قبيل الصدفة أن العوائد على المؤشرات ذات العائد المرتفع في الصين ارتفعت إلى الأعلى تماما مع بيع الأسهم الأميركية العام الماضي، وتعافى الاثنان معا تقريباً. الآن، يبدو أن مستثمري الائتمان الصينيين يفقدون أعصابهم مرة أخرى، على الرغم من عدم وجود مثل هذه المخاوف في الغرب. ويشير ذلك إلى قلق أعمق بشأن صحة قطاع الشركات.

هناك الكثير من العوامل التي تعكر صفو أسواق السندات في الآونة الأخيرة، والصين واحدة منها فقط. ومع ذلك، على الهامش، من الواضح أن هذه أخبار سيئة لتداول الانكماش، والتي تكون أقل من ذلك بكثير. ليس هناك أي مؤشر على أن تضييق الخناق على رأس المال الخاص أمر مرحب به. علاوة على ذلك، فإن دور الصين كأول من يتعافى من الوباء مهم، ويراهن العديد من المستثمرين على أن الناس سيستمتعون بإنفاق الأموال بمجرد أن يصبحوا أحرارا في القيام بذلك في الغرب. وأي دعم من الصين للأدلة التاريخية على أن الأوبئة تجعل الناس دائماً أكثر حذراً وأكثر تحفظاً فيما يتعلق بأموالهم سيكون أمراً غير مرحب به. علاوة على ذلك، لا تزال البلاد غير محصنة نسبياً.

مع وجود الصين الأبطأ اقتصادياً، هناك سبب أقل بكثير لتوقع زيادات دراماتيكية التضخم، خاصة وأن السياسة النقدية الأسهل في بكين يجب أن تؤدي إلى إضعاف عملة البلاد وجعل الواردات الصينية في أماكن أخرى أرخص. وعلى الهامش، حيث يحدث كل شيء في الأسواق، يجب أن تزيد التطورات الصينية الأخيرة الطلب على السندات، وتقلل من الحماس للتداولات «التي تنطوي على مخاطرة».

الشرق الأوسط بالاتفاق مع «بلومبرغ»

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى